في عالمٍ قلّما يجتمع فيه العلم والإبداع، تلمع الدكتورة هدى كرم حسن، أخصائي طب العائلة، السكر ، التغذية العلاجية وعلاج المدخنين، كواحدة من الشخصيات المُلهمة التي استطاعت أن تمزج بين العقل العلمي الدقيق وروح الفن النابضة بالحياة، لتكون مثالًا يحتذى به في التميز والتعدد والإنسانية.
في زمن تتسارع فيه أنماط الحياة الحديثة، وتتبدل فيه العادات الغذائية وتتقلص فيه حركة الجسد لصالح الشاشة والمقعد، يزحف إلينا مرض السكري من النوع الثاني، لا كضيف ثقيل، بل كغولٍ صامت يتسلل إلى أجسادنا ببطء، حتى يصبح جزءًا من روتيننا اليومي… دون أن نشعر.
السكري من النوع الثاني لم يعد مرض الأغنياء كما كان يُظن في الماضي، ولم يعد مرتبطًا بكبار السن فقط. اليوم، نراه في الثلاثينات، والعشرينات، بل وحتى في الأطفال أحيانًا. السبب؟ نمط حياة غير متوازن، تغذية غنية بالسكريات والدهون، قلة النوم، الضغط العصبي المزمن، وقلة الحركة.
ببساطة، مرض السكر من النوع الثاني هو فشل الجسم في استخدام الإنسولين بشكل فعّال، رغم وجوده. البنكرياس يعمل، لكن الخلايا ترفض الاستجابة، وكأنها أصبحت “مقاومة” له، وهو ما يُعرف بـ”مقاومة الإنسولين”. بمرور الوقت، يُجهد البنكرياس حتى يبدأ هو الآخر في التقاعس.
المشكلة ليست في المرض نفسه فقط، بل في ما يتبعه من مضاعفات: ارتفاع ضغط الدم، أمراض القلب، ضعف الأعصاب، مشاكل الكلى، ضعف النظر، والقدم السكرية التي قد تصل بالبعض إلى بتر الأطراف. كل هذا – والصدمة هنا – يمكن منعه!
رغم خطورته، إلا أن السكري من النوع الثاني يحمل سِرًا لا يعرفه الكثيرون: إنه من أكثر الأمراض المزمنة التي يمكن السيطرة عليها – بل وعكسها أحيانًا – بتغيير نمط الحياة. نعم، قد لا تحتاج إلى أقراص إن أحسنت اختيار طعامك، ونظمت نومك، وتحركت كل يوم.
لا نبالغ حين نقول إن المشي يوميًا نصف ساعة، والامتناع عن السكريات المكررة والمخبوزات البيضاء، وشرب الماء بانتظام، والنوم الكافي، يمكن أن يكون أقوى من ألف وصفة طبية.
بلقاء خاص مع الدكتورة أوضحت عدة نصائح وهي
1)رسالتي إليك :لا تنتظر حتى تشعر بالعطش الشديد، أو التعب المزمن، أو الجروح التي لا تلتئم. ابدأ اليوم.
2)افحص سكر دمك، راقب خصرك لا وزنك، اجعل طبقك يحتوي على ألوان طبيعية من خضار وفاكهة لا من مشروبات صناعية، واحمِ نفسك قبل أن تصبح أنت الآخر رقمًا في إحصائيات السكري المتزايدة.
3)في النهاية، مرض السكر من النوع الثاني لا يُهاجمك فجأة، بل تُهيّئ له البيئة المناسبة ثم تدعوه للدخول. فهل آن الأوان أن تغلق الباب في وجهه؟
