مروة سالم… من شلل الطفولة إلى قيادة التغيير: امرأة أعادت تعريف القوة
لم تكن الطفلة مروة سالم تعلم أن لحظة بسيطة في عيادة تطعيم ستغيّر حياتها إلى الأبد. في عمر تسعة أشهر، أصيبت بشلل الأطفال بعد تلقيها تطعيمًا فاسدًا، ما أثر على قدرتها الحركية في كلا قدميها. ومع رحلة علاج طويلة وشاقة، استجابت إحدى قدميها كليًا، بينما تعافت الأخرى جزئيًا.
لكن الجسد لم يكن المعركة الوحيدة.
فمنذ سنواتها الأولى، بدأت مروة تواجه معركة أخرى، أشد وأخطر: نظرة المجتمع.
“أهلي كانوا يخافون عليّ لدرجة منعتني من أبسط الحقوق كبنت طفلة… هذا كان أول شيء هزّ ثقتي بنفسي”، تقول مروة.
ومع دخولها المدرسة، رغم تفوقها الدراسي، أصبحت محاطة بنظرات وأسئلة وتعليقات لم تتوقف، تنمّر مبطّن أحيانًا، وصريح في أحيان كثيرة. ومع مرور الوقت، بدأ الشعور الداخلي يتضخم: لماذا يُحاصرني الناس بأحكامهم؟ لماذا يُختزل كل شيء في إعاقتي؟
تتابع مروة حديثها بنبرة هادئة:
“كلما كبرت، كبرت الأسئلة في داخلي… كنت أشعر أنني أقدر، لكن لا أحد يعطيني الفرصة أن أكون.”
مرت السنوات، ومعها تراكمت التجارب والصدمات. بعض العلاقات أضافت للرحلة جروحًا نفسية أكثر مما أضافت دعمًا. حتى وصلت مروة إلى مرحلة شعرت فيها بالوحدة، الانكسار، وفقدان الإيمان بالذات.
“وصلت إلى مرحلة فكرت فيها في إنهاء حياتي. شعرت أنني عبء، لا أحد يراني كما أنا.”
لكن ذلك لم يكن نهاية الحكاية.
بل بدايتها.
في لحظة صدق مع النفس، قررت مروة اللجوء إلى العلاج النفسي والدعم المتخصص. توجهت إلى مدربة حياة (لايف كوتش)، وبدأت رحلة عميقة من المواجهة والتشافي، أعادت فيها تفكيك طفولتها، وخيباتها، ونظرة المجتمع لها.
لم تكن رحلة سهلة، لكنها غيرت كل شيء.
اليوم، مروة مختلفة.
“أنا إنسانة قوية، مبتسمة، مليئة بالحياة والطاقة. فهمت أنني أستحق أن أُحب، أن أختار، وأن أعيش بكامل حقي.”
تؤمن مروة أن التجربة لم تكن عبثًا، وأن ما مرت به حمل معها رسالة. واليوم، جعلت من هذه الرسالة مشروع حياة: مساعدة كل امرأة مطلقة أو من ذوي الهمم على اكتشاف قيمتها من جديد.
“رسالتي أن تُعيد المرأة ثقتها بنفسها، بأنوثتها، بقيمتها، وأن تفهم أن المجتمع لا يحدد من هي، ولا يحق له أن يختصرها في ظروفها.”
“أريد لكل امرأة أن تعرف: أنتِ كافية. أنتِ تستحقين. وأنتِ أقوى مما تظنين.”