مجلس السلام المقترح لغزة يثير جدلاً واسعًا بمشاركة أسماء دولية بارزة

إسلام وليد رزيق30 سبتمبر 2025
نجيب ساويرس
نجيب ساويرس

كشفت صحيفة “الجارديان” البريطانية عن وثيقة مثيرة للجدل تضمنت أسماء شخصيات مرشحة لرئاسة ما يسمى “مجلس السلام” الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرًا، والمقرر أن يتولى حكم قطاع غزة عقب انتهاء الحرب مباشرة. هذه الخطة، التي جاءت في وثيقة مكونة من 21 صفحة، تطرح تصورًا لإدارة القطاع في مرحلة ما بعد الحرب، لكنها أثارت تساؤلات واسعة بسبب تغييب الأسماء الفلسطينية والتركيز على قيادات وشخصيات دولية ورجال أعمال بارزين.

الوثيقة تشير بوضوح إلى أن دور الفلسطينيين سيكون ثانويًا، بينما ستقع القيادة الفعلية على عاتق شخصيات دولية ذات نفوذ سياسي واقتصادي، مع إنشاء هيئة اقتصادية تهدف إلى جذب الاستثمارات وتعزيز التنمية في غزة. هذه الهيئة، بحسب التصور الأمريكي، ستعتمد على “شراكات بين القطاعين العام والخاص وأدوات تمويل مختلطة”، بما يتيح فرصًا للمستثمرين لتحقيق “عوائد مجدية تجاريًا” في إطار مشاريع إعادة الإعمار.

نجيب ساويرس ضمن قائمة المرشحين

أحد الأسماء التي أثارت اهتمامًا لافتًا في الوثيقة كان الملياردير المصري نجيب ساويرس، الذي جاء ضمن قائمة المرشحين للعب دور في مجلس السلام. القائمة شملت أيضًا مارك روان، الرئيس التنفيذي لشركة “أبولو جلوبال مانجمنت”، وأرييه لايتستون من “معهد اتفاقيات إبراهيم للسلام”، وهو مستشار سابق للسفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان.

كما ورد اسم سيجريد كاج، رئيسة وزراء هولندا السابقة، لتولي منصب بارز في المجلس، بينما من المنتظر أن يتولى رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير مسؤولية إنشاء سلطة حاكمة تدير شؤون غزة في المرحلة المقبلة.

شخصيات بارزة دون موافقة مسبقة

بحسب مصادر مقربة من القائمين على إعداد الوثيقة، فإن إدراج هذه الأسماء جاء “لأغراض توضيحية”، ولم يتم الحصول على موافقة رسمية من أصحابها قبل نشرها. مع ذلك، فإن ظهور شخصيات عالمية بهذا الحجم في تصور خاص بمستقبل غزة يعكس اتجاهًا أمريكيًا نحو إبعاد إدارة القطاع عن السلطة الفلسطينية، وربطه مباشرة بمشروعات دولية ذات أبعاد اقتصادية وسياسية.

الوثيقة تنص أيضًا على أن إدارة غزة ستكون منفصلة عن الضفة الغربية المحتلة، ما يعني عمليًا تفكيك وحدة القرار الفلسطيني بين المنطقتين، وهو ما يثير مخاوف إضافية بشأن مستقبل القضية الفلسطينية.

توني بلير يشيد بالخطة

توني بلير، الذي ورد اسمه بشكل رسمي ضمن مجلس السلام، أصدر بيانًا وصف فيه خطة ترامب بأنها “شجاعة وحكيمة”. وأكد بلير أن تطبيق الخطة سيضمن وقف الحرب بشكل فوري، وتقديم إغاثة عاجلة لأهالي غزة، إضافة إلى فتح أفق جديد يضمن “مستقبلًا أكثر إشراقًا للفلسطينيين، وأمنًا مطلقًا ودائمًا لإسرائيل، إلى جانب إطلاق سراح الرهائن”.

وأضاف بلير أن هذه المبادرة توفر “أفضل فرصة لإنهاء عامين من الحرب والمعاناة”، ووجه شكره للرئيس الأمريكي على ما وصفه بـ”القيادة الحاسمة”. كما اعتبر أن تشكيل مجلس السلام يعد “علامة فارقة على الثقة في مستقبل غزة”، مشددًا على أن الخطة قد تفتح الباب أمام الإسرائيليين والفلسطينيين لإيجاد مسار واقعي نحو السلام.

ردود فعل فلسطينية غاضبة

على الجانب الآخر، جاءت ردود الفعل الفلسطينية، ولا سيما من حركة حماس، رافضة بشدة لهذه الطروحات. فقد وصف حسام بدران، رئيس مكتب العلاقات الوطنية في الحركة، توني بلير بأنه “أخو الشيطان”، مؤكدًا أن حماس تعتبره شخصية غير مرحب بها في الملف الفلسطيني، نظرًا لتاريخه ومواقفه السياسية التي تصفها الحركة بأنها منحازة لإسرائيل.

موقف حماس يعكس حالة الغضب من إقصاء الفلسطينيين عن صدارة المشهد في هذه الخطة، في الوقت الذي يتم فيه التركيز على دور شخصيات خارجية لرسم مستقبل القطاع. هذا الرفض قد يفتح الباب أمام مزيد من التوترات بشأن أي خطوات عملية قد تسعى الولايات المتحدة إلى تنفيذها على أرض الواقع.

مستقبل غامض

رغم ما تضمنته الوثيقة من تفاصيل دقيقة حول الأدوار والمهام، يبقى تنفيذها مرهونًا بقبول الأطراف المعنية، خصوصًا أن الفلسطينيين لم يُستشاروا في إعدادها. كما أن إدراج أسماء شخصيات مؤثرة دون التنسيق المسبق معها قد يعقّد فرص تطبيق الخطة. وبينما يرى البعض أن وجود رجال أعمال دوليين قد يسهم في إعادة إعمار غزة، يخشى آخرون من أن تتحول هذه المبادرة إلى مشروع اقتصادي بحت يهدف إلى خدمة مصالح المستثمرين أكثر من خدمة الشعب الفلسطيني.

في ضوء هذه المعطيات، يظل المشهد مفتوحًا على احتمالات متعددة، بين إمكانية دفع الخطة قدمًا باعتبارها مبادرة أمريكية مدعومة بشخصيات دولية رفيعة، أو انهيارها أمام رفض فلسطيني واسع واعتبارات سياسية معقدة في المنطقة.

لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق