لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع مع رئيس الكونجرس اليهودي العالمي يعيد فتح ملف المفاوضات السورية الإسرائيلية وسط تعثر محاولات الاتفاق الأمني

إسلام وليد رزيقمنذ ساعة واحدة
الرئيس السوري أحمد الشرع
الرئيس السوري أحمد الشرع

أفادت قناة الإخبارية السورية الرسمية، اليوم الأحد، أن الرئيس السوري أحمد الشرع التقى قبل أيام في نيويورك مع رونالد لاودر، رئيس الكونجرس اليهودي العالمي، وذلك بمقر البعثة السورية الدائمة لدى الأمم المتحدة، على هامش أعمال الدورة الثمانين للجمعية العامة. اللقاء، الذي وصفته مصادر دبلوماسية بالمهم، أعاد إلى الواجهة ملف المفاوضات السورية الإسرائيلية، في ظل استمرار الجهود الدولية الرامية إلى إحداث اختراق في هذا المسار الشائك.

خلفيات اللقاء ودلالاته

رونالد لاودر، المعروف بخبرته الطويلة في ملفات الشرق الأوسط منذ تسعينيات القرن الماضي، ينحدر من أصول سورية، ويشتهر بمواقفه الرافضة للتوسع الإسرائيلي في الأراضي السورية. ويأتي اللقاء مع الرئيس الشرع ليشكل محطة بارزة ضمن تحركات دبلوماسية سورية واسعة شهدتها نيويورك مؤخرًا، حيث التقى الرئيس بعدد من القادة والمسؤولين العرب والأجانب، إلى جانب خطابه التاريخي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 24 سبتمبر، وهو أول خطاب لرئيس سوري في المنظمة الدولية منذ عام 1967.

الموقف السوري من التصعيد الإسرائيلي

في سياق متصل، أدلى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني بتصريحات حادة خلال مقابلة مع شبكة CNN، اتهم فيها إسرائيل بعرقلة جهود السلام عبر استمرار هجماتها العسكرية على الأراضي السورية. وأوضح الشيباني أن الغارات الإسرائيلية لا تقتصر على انتهاك السيادة السورية، بل إنها تغذي العنف الطائفي وتعطل خطط الدولة لإعادة الإعمار.

وأكد الوزير أن “سوريا الموحدة والمستقرة تصب في مصلحة الجميع، بما في ذلك إسرائيل”، مشددًا على أن بلاده تمد يدها للسلام، لكنها تُقابل بمزيد من التصعيد والتهديدات العسكرية. كما حمّل الشيباني إسرائيل مسؤولية تفاقم التوترات في محافظة السويداء، معتبرًا أن تدخلاتها حالت دون قدرة الحكومة السورية على احتواء الاضطرابات هناك.

تعثر الاتفاق الأمني

وبحسب وكالة “رويترز”، كانت الأجواء خلال اجتماعات نيويورك مهيأة للإعلان عن اتفاق أمني سوري إسرائيلي، بعد أشهر من المفاوضات السرية التي جرت في عواصم مثل باكو وباريس ولندن، برعاية أمريكية. غير أن الإعلان تعثر في اللحظات الأخيرة، نتيجة إصرار إسرائيل على إقامة “ممر إنساني” يربطها بمحافظة السويداء جنوب سوريا، وهو ما رفضته دمشق بشكل قاطع، معتبرة الأمر خرقًا واضحًا لسيادتها الوطنية.

وكان الاتفاق المتوقع يهدف إلى إنشاء منطقة منزوعة السلاح في السويداء، في محاولة للحد من تداعيات العنف الطائفي الذي شهدته المحافظة خلال شهر يوليو الماضي، وأدى إلى مقتل مئات المدنيين. ورغم الجولات المتعددة من المفاوضات، إلا أن الاختلاف حول هذه النقطة الجوهرية أدى إلى تجميد المحادثات.

قراءة في الموقف الإقليمي والدولي

يرى محللون أن التحركات السورية الأخيرة تعكس رغبة دمشق في العودة بقوة إلى الساحة الدولية، عبر طرح نفسها طرفًا منفتحًا على الحوار والحلول السياسية. غير أن استمرار الغارات الإسرائيلية وتشبث تل أبيب بشروط مثيرة للجدل، مثل “الممر الإنساني”، يعقد فرص التوصل إلى اتفاق مستدام.

كما يعتبر المراقبون أن تصريحات الرئيس الشرع ووزير خارجيته الشيباني تحمل رسائل مزدوجة: الأولى موجهة إلى الداخل السوري للتأكيد على تمسك الدولة بالسيادة الوطنية، والثانية إلى المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة، لدعوته إلى ممارسة ضغط أكبر على إسرائيل من أجل تهيئة الأجواء أمام أي تسوية مستقبلية.

لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع مع رونالد لاودر يعكس انفتاحًا جديدًا في السياسة السورية على ملف المفاوضات مع إسرائيل، رغم ما يحيط به من تعقيدات وصعوبات. ومع تعثر الإعلان عن اتفاق أمني كان وشيكًا، تبقى فرص التقدم رهينة بإرادة الطرفين والضغوط الدولية. وبينما تصر سوريا على حماية سيادتها ورفض أي تنازلات تمس وحدة أراضيها، تستمر إسرائيل في فرض شروطها الخاصة، وهو ما يجعل الطريق إلى السلام أكثر وعورة من أي وقت مضى.

لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق