تطور علمي مثير للقلق، حذرت دراسة دولية حديثة من احتمال تطور فيروس جديد يُعرف باسم “HKU5″، وهو أحد فيروسات عائلة كورونا التي سبق أن تسببت في أزمات صحية واقتصادية كبرى، أبرزها جائحة كوفيد-19. الدراسة التي أعدها باحثون من جامعات أمريكية مرموقة، من بينها جامعة واشنطن ومعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، دقّت ناقوس الخطر بشأن قدرة هذا الفيروس على التكيف مستقبلاً مع جسم الإنسان، ما يفتح الباب أمام احتمال حدوث موجة وبائية جديدة.
التحليل العلمي، الذي استند إلى تقنيات متقدمة في الذكاء الاصطناعي، أظهر أن الفيروس الجديد يمتلك تشابهًا ملحوظًا في تركيبته الجزيئية مع فيروسات سابقة خطيرة، خاصة في ما يتعلق بالبروتين الشوكي الذي يستخدمه الفيروس لاقتحام الخلايا البشرية عبر مستقبلات ACE2، وهي ذات المستقبلات التي استخدمها فيروس كورونا المستجد (SARS-CoV-2) خلال موجة تفشيه العالمية.
وبحسب التقرير، فإن “HKU5” لا يزال حاليًا محصورًا في الخفافيش، إلا أن الباحثين يؤكدون أن مجرد طفرة بسيطة في تركيبته الجينية قد تكفي لتمكينه من تخطي حاجز الأنواع والدخول إلى جسم الإنسان. هذا التغير، وإن بدا بسيطًا، قد يؤدي إلى نتائج كارثية في حال تطور الفيروس داخل البشر، سواء على المستوى الصحي أو الاقتصادي.
الفيروس ينتمي إلى مجموعة “ميربيكو” (Merbecovirus)، وهي نفس المجموعة التي تضم فيروس “ميرس” الذي ظهر في الشرق الأوسط عام 2012 وأدى إلى معدلات وفيات مرتفعة تجاوزت 34%، الأمر الذي دفع بعض الاقتصاديين إلى التحذير من تأثيراته المحتملة على سلاسل التوريد الإقليمية آنذاك، خاصة في القطاعات المرتبطة بالتنقل والسياحة والطاقة.
سياق جيوصحي – اقتصادي
الخبر لا يأتي في vacuum، بل يتقاطع مع تحولات سياسية واقتصادية دقيقة يشهدها العالم. فالأسواق العالمية لم تتعافَ بعد بشكل كامل من تبعات الجائحة السابقة، إذ لا تزال آثار الإغلاق وتغير سلوك المستهلكين وتحديات سلاسل التوريد تلقي بظلالها على اقتصادات الدول النامية والمتقدمة على حد سواء.
وفي حال تطور “HKU5” ليصبح قابلاً للانتقال بين البشر، فإن التداعيات المحتملة تتجاوز المجال الصحي، لتمس الاستقرار الاقتصادي العالمي، وتعيد خلط الأوراق في ملفات الاستثمار، التجارة، وأسعار السلع الأساسية. فمجرد إعلان وجود تهديد وبائي جديد، كفيل بهز ثقة الأسواق وتحفيز المستثمرين نحو الملاذات الآمنة مثل الذهب والعملات الأجنبية.
تطورات علمية بدعم الذكاء الاصطناعي
المثير في الدراسة، أن الباحثين استخدموا أداة “AlphaFold”، وهي واحدة من أكثر تقنيات الذكاء الاصطناعي تقدمًا في تحليل البروتينات، لنمذجة الهيكل البنائي للبروتين الشوكي الخاص بالفيروس. النتائج أظهرت تطابقًا كبيرًا مع اختبارات معملية تقليدية، ما عزز من دقة التنبؤات وسرعة تقييم المخاطر المستقبلية.
كما أشار الباحثون إلى وجود مؤشرات على إمكانية انتقال إحدى سلالات هذا الفيروس إلى حيوان المنك، وهو ما يعزز من فرضية مرونة الفيروس في التكيف بين الكائنات، وهي سمة رئيسية تسبق عادة انتقال الفيروسات إلى البشر.
دعوة للحيطة والاستعداد العالمي
الباحثون شددوا على ضرورة توسيع نطاق المراقبة البيئية والمخبرية للفيروس، ليس فقط في الخفافيش، بل في الحيوانات الوسيطة التي قد تلعب دورًا في نقله للإنسان، تمامًا كما حدث مع الإبل وفيروس “ميرس”، أو مع سوق الحيوانات في ووهان وفيروس “كوفيد-19”.
كما أوصت الدراسة بضرورة دعم مبادرات البحث العلمي بشكل أكبر، وتوفير تمويل عاجل لبرامج المراقبة الوبائية في المناطق الأكثر عرضة لانتشار الفيروسات الحيوانية المنشأ، خاصة في آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا.
في القاهرة تايمز نوافيكم بأهم الأخبار والتقارير الموثوقة لحظة بلحظة، تابعوا التفاصيل الكاملة هنا.