في خضم صراع قانوني متصاعد مع أحد مؤسسيها، أعلنت شركة OpenAI عن تراجعها عن خطة مثيرة للجدل كانت ستمنح قطاعها الربحي استقلالًا هيكليًا، في خطوة رأى فيها كثيرون محاولة لاحتواء تداعيات دعوى قضائية رفعها إيلون ماسك، اتهم فيها الشركة بـ”الخيانة والانحراف عن رسالتها الأصلية”.
العودة للوراء.. تحت الضغط
التراجع المفاجئ جاء بعد شهور من الجدل والغموض حول مستقبل الشركة التي كانت قد بدأت كمنظمة غير ربحية طموحة، قبل أن تتوسع بشكل لافت وتدخل في شراكات تجارية ضخمة، أبرزها مع مايكروسوفت. ووفقًا لما أعلنه الرئيس التنفيذي سام ألتمان، فإن الكيان غير الربحي سيحتفظ بالإشراف الكامل على القطاع الربحي، في محاولة لحماية ما تبقى من فلسفة “الذكاء الاصطناعي لخدمة البشرية”.
لكن في الوقت نفسه، لم تُغلق OpenAI الباب أمام جمع استثمارات جديدة، حيث ستواصل تحويل القطاع الربحي إلى شركة منفعة عامة (PBC)، وهي صيغة قانونية مرنة تسمح بجمع التمويل مع الحفاظ على التزامات أخلاقية.
هيكل مزدوج أم تناقض مستمر؟
أوضحت الشركة أن هذا التوازن الهيكلي يمثل “تسوية مدروسة” تهدف إلى إرضاء المستثمرين دون المساس بالمبادئ الأساسية التي تأسست عليها OpenAI. لكن المراقبين يرون أن ما يجري هو محاولة للالتفاف على الضغط القانوني والإعلامي، خاصة بعد وصف محامي ماسك لما يحدث بأنه “خداع يتجاوز التراجيديا الشكسبيرية”.
ماسك: من الشريك المؤسس إلى الخصم القانوني
إيلون ماسك، الذي شارك في تأسيس OpenAI قبل أن يغادرها عام 2018 إثر خلافات مع ألتمان، أصبح اليوم الخصم الأكثر ضجيجًا. ويتهم ماسك الشركة بتضليل الرأي العام، وتحوّلها إلى كيان ربحي مغلق يخدم مصالح مايكروسوفت بدلاً من البشرية. وهو ما عبّر عنه مرارًا في منشوراته، مؤكدًا أن OpenAI خرجت عن المسار الذي وُضعت لأجله.
وقد أشار كتاب السيرة الذاتية لماسك بقلم والتر إيزاكسون إلى أن ماسك حاول دمج OpenAI ضمن إمبراطورية Tesla، ما رفضه مجلس الإدارة، وكان من أسباب انسحابه.
بين المبادئ والمال.. أين تقف OpenAI الآن؟
رغم تصاعد الخلاف، لا تُظهر OpenAI أي نية للتراجع عن طموحاتها التوسعية، بل أعلنت عزمها جمع 40 مليار دولار في جولة تمويل مرتقبة بقيادة سوفت بنك، في وقت تتجه فيه الأنظار إلى مارس 2026، موعد المحاكمة بين ماسك والشركة أمام هيئة محلفين في كاليفورنيا.
وفي حين تواصل OpenAI الترويج لرسالتها الأخلاقية، يرى البعض أن المعركة الحقيقية تدور حول من يملك الحق في توجيه مستقبل الذكاء الاصطناعي، وما إذا كانت المبادئ قادرة على الصمود أمام جاذبية الأرباح.
نقطة للنقاش:
هل تستطيع شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى تحقيق التوازن بين الطموح التجاري والمسؤولية الأخلاقية، أم أن التضحية بالقيم باتت جزءًا من النموذج الاقتصادي الجديد؟