موقف محمد بن دمخان الذي غيّر نظرة الناس إلى معنى القوة

ميادة الطويلمنذ 16 ثانية
موقف محمد بن دمخان الذي غيّر نظرة الناس إلى معنى القوة

مواقف تصنع الرجال

 

بعض الأسماء لا تحتاج إلى مقدمات طويلة، لأن سيرتها كفيلة بأن ترويها.

من هؤلاء الرجال الذين جمعوا بين القوة والرحمة، وبين الهيبة والتواضع، يبرز اسم محمد بن عايض بن دمخان، المعروف بلقبه أبو عسّاف – بن دمخان، أحد أبناء مدينة الرياض، المولود في 24 مايو 1977م.

 

رجلٌ صنع احترامه بالخلق، لا بالصوت المرتفع، وفرض حضوره بالمواقف، لا بالمناصب.

 

 

درب الشرف والانضباط

 

منذ شبابه، اختار أن يكون في صفوف حُماة الوطن، فالتحق بـ وزارة الداخلية السعودية، وبدأ مسيرة امتدت لسنوات من التفاني والالتزام حتى وصل إلى رتبة عقيد.

لم يكن مجرد ضابط يؤدي واجبه، بل كان قدوة في الانضباط والاحترام، يربّي من حوله على أن الكلمة الطيبة لا تقل قوة عن القرار الصارم.

 

ومن المواقف التي بقيت علامة في حياته، أنه في إحدى المرات أثناء مروره على نقطة تفتيش، أوقفه أحد رجال الأمن للتفتيش كإجراء روتيني.

استغرب ابنه الموقف وقال:

 

“تخلي الضابط يفتشك وأنت عقيد؟”

فأجابه بهدوءٍ وثقةٍ تليق برجل القيم قبل الرتب:

“هذولا اللي يحمون الوطن، واحترامهم واجب علينا قبل كل شيء.”

موقف بسيط في ظاهره، لكنه يُجسّد وعيًا وطنيًا وثقافةً قيادية نادرة.

 

 

موقف العفو الذي لا يُنسى

 

انتشر اسم أبو عسّاف بين الناس بعد موقفٍ عفويٍ أصبح حديث المجتمع، حين تنازل عن حقه بعد حادثٍ بسيط بسيارته الرولز رويس.

وبعد أن علم أن الطرف الآخر شاب يتيم، قرر أن يعفو عنه متنازلًا عن مبلغٍ يقارب 271 ألف ريال سعودي، قائلاً:

 

“العفو زكاة القوة، والله يعوضنا خير.”

 

تصرف واحد، لكنه كفيل بأن يختصر شخصية كاملة: رحمة، مروءة، وإيمان بأن الخير لا يضيع عند الله.

وقد وجد الموقف صدى واسعًا على مستوى المملكة والخليج، وعدّه الكثيرون درسًا في التسامح والكرم والقيادة الأخلاقية.

 

 

إنسان لا يتغيّر

 

بعيدًا عن الأضواء، يظل محمد بن دمخان وفيًا لأقاربه وأصدقائه، حاضرًا في لحظاتهم الصعبة.

ففي مرض ابن عمه بالسرطان، كان أول من وقف إلى جانبه، وواساه بكلماتٍ صادقةٍ وقصائد كتبها بنفسه، تحمل رسائل عن الصبر والأمل.

ذلك الموقف الإنساني عرّف من لا يعرفه بأن القوة الحقيقية ليست في الرتبة أو المال، بل في صدق المشاعر ونبل القلب.

 

 

من الميدان إلى العمل الحر

 

بعد سنواتٍ من الخدمة العسكرية المشرفة، اختار أن يفتح صفحة جديدة في مسيرته، فانتقل إلى القطاع التجاري وأطلق عدة مشاريع خاصة.

ورغم انشغاله بالأعمال، لم يتخلّ عن حضوره الإنساني، بل ظلّ مشاركًا في المبادرات الاجتماعية والخيرية، واضعًا بصمته في كل مجال دخل إليه.

 

 

أثرٌ لا يُمحى

 

اليوم، يُعرف أبو عسّاف كرجلٍ يجسّد القيم السعودية الأصيلة: الاحترام، العفو، والكرم.

يحظى بمحبة الناس وتقديرهم، ليس لأنه كان عقيدًا، بل لأنه كان — ولا يزال — رجل مواقف، وأخلاق، وضمير حيّ.

 

إنه نموذج للرجل الذي لا تغيّره المناصب، ولا تُبدله الأيام، يظل ثابتًا على مبادئه، نقيًّا في تعامله، صادقًا في حضوره.

ولذلك يبقى محمد بن دمخان علامة مضيئة في الذاكرة السعودية، حيث تُروى سيرته كلما ذُكرت الشهامة، ويُذكر اسمه كلما تحدّث الناس عن الرجولة الحقيقية.

لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق