“إيمان خفاجي” إمرأة مصرية جعلت من العلم رسالة، ومن الغربة منبرًا للعطاء، ومن الأسرة محورًا لبناء مجتمع أفضل.

إسلام وليد رزيقمنذ 4 ساعات
    إيمان خفاجي
بقلم الإعلامية: منار أيمن سليم

في زمن تتسارع فيه وتيرة الحياة وتزداد فيه الضغوط النفسية، تظهر شخصيات استثنائية تحمل رسالة الأمل والوعي، وتجعل من الغربة ساحة عطاء وإنجاز. ومن بين تلك الشخصيات تبرز إيمان خفاجي، المصرية المقيمة في الكويت، التي استطاعت أن تخلق لنفسها بصمة إنسانية ومهنية فريدة، تجمع بين العلم العميق والرحمة الصادقة في خدمة الإنسان والأسرة والمجتمع.

إيمان خفاجي حاصلة على ماجستير في علم النفس من جامعة جنوب كاليفورنيا، كما نالت دبلوم علاج المخططات المعرفية من المؤسسة الدولية لعلاج المخططات المعرفية، ما أهلها لتكون معالجة نفسية متخصصة، تجمع بين المنهج العلمي الحديث والفهم العميق للنفس البشرية. وهي اليوم معالجة نفسية متخصصة في العلاج الزواجي والأسري، تكرس خبرتها لمساعدة الأزواج والأسر على تجاوز الصعوبات وتحقيق التوازن في حياتهم.

لكن قصتها لم تبدأ من قاعات الدراسة، بل من قلب التجربة الإنسانية ذاتها. تقول إيمان إن اهتمامها بعلم النفس بدأ منذ ثلاثة وعشرين عامًا، حين بدأت رحلتها كأم مع طفلتها الأولى. كانت تجربة الأمومة نقطة تحول في حياتها، إذ دفعتها إلى البحث عن الفهم الأعمق للنفس البشرية والعلاقات الإنسانية، من خلال القراءة وحضور الدورات التدريبية، حتى قررت لاحقًا أن تخوض طريق التخصص الأكاديمي والدراسة الرسمية. تلك الرحلة الطويلة بين التجربة والعلم جعلت من إيمان إنسانة تجمع بين الحس الفطري والمعرفة العلمية الدقيقة.

اختارت مجال العلاج الزواجي والأسري عن قناعة عميقة، بعد أن لاحظت مدى احتياج المجتمع العربي لهذا النوع من الدعم. فالعلاقات الزوجية والأسرية في نظرها هي اللبنة الأولى في بناء مجتمع سليم ومتوازن. وقد وجدت في نفسها القدرة والرغبة الصادقة في المساعدة، فكان قرارها بأن تكرس علمها وخبرتها لهذا المجال النبيل. وهي ترى أن إصلاح العلاقات لا يعني فقط حل المشكلات، بل إعادة بناء الجسور بين أفراد الأسرة على أسس من الوعي، والاحترام، والتواصل الصحي.

ولأنها تؤمن بأن العلم هو البوصلة التي توجه العمل الصادق، فإنها لا تتوقف عند حدود ما تعلمته، بل تحرص دائمًا على تطوير نفسها. فمع كل خطوة مهنية جديدة، تسعى إلى تحصيل مزيد من المعرفة، سواء من خلال الدراسة الأكاديمية أو التدريب العملي أو الاطلاع المستمر على أحدث النظريات في مجال العلاج النفسي. وهي ترى أن المعالج لا يمكن أن يخدم الناس بصدق إلا إذا واصل هو نفسه رحلة النمو والتعلم.

كما لم تحصر عطاءها في الجلسات العلاجية فحسب، بل حملت رسالتها إلى المجتمع من خلال العمل التطوعي. فقد شاركت قبل 12 عامًا في تأسيس “رابطة مصر المحروسة بالكويت”، وهي مؤسسة تطوعية تهدف إلى تنمية الإنسان وبناء مجتمع مصري متعاون في الغربة. من خلال هذه الرابطة، نظمت العديد من الأنشطة في مجال التوعية النفسية والاجتماعية، وقدمت محاضرات ودورات تدريبية للكبار والأطفال، إلى جانب مسرحية توعوية للأطفال بعنوان “البطل”، تسعى من خلالها لغرس قيم العلم والوعي الذاتي منذ الصغر. كما ساهمت الرابطة بمشاركتها في خلق مجتمع حاضن للمصريين في الكويت، يجمع بين التكافل الإنساني والدعم النفسي والاجتماعي.

وتولي اهتمامًا خاصًا بنشر الوعي بالعلاج النفسي، إذ ترى أن الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الجسدية، وأن الوعي هو الخطوة الأولى نحو التغيير. لذلك، تقدم بانتظام محاضرات ودورات متخصصة في العلاقات الزوجية والتربية، لمساعدة الأسر على فهم أنفسهم وأطفالهم بشكل أفضل، وتجاوز التحديات اليومية بطريقة صحية وبناءة.

في كل ما تقدمه، تبرز إيمان خفاجي كصوت واعٍ يدعو إلى الرحمة، والوعي، والعلم. فهي تؤمن أن العلاج النفسي ليس مجرد مهنة، بل رسالة لبناء إنسان متوازن وأسرة سعيدة. ورغم اغترابها عن الوطن، إلا أن عطاءها امتد ليكون جسرًا بين المصريين في الكويت، ينشر النور في القلوب ويزرع الأمل في النفوس.

إيمان خفاجي… مثال حقيقي للمرأة المصرية التي جعلت من العلم رسالة، ومن الغربة منبرًا للعطاء، ومن الأسرة محورًا لبناء مجتمع أفضل.

لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق