في رحلة عميقة داخل أعماق النفس البشرية، يتجلى ذلك الشعور الغامض الذي يلازم الإنسان منذ وعيه بذاته، حيث يمتزج الخوف من المجهول بالرهبة من الحرية المطلقة، ويتصارع العقل مع الجسد في عالم متناقض يفيض بأسئلة وجودية حادة: ما الذي يجعل الحياة تستحق أن تُعاش؟ وهل يمكن للروح أن تحدد أفعالنا؟
هذا التساؤل الوجودي لم يزل عالقًا في أفق الفكر الإنساني، ومعه تأتي محاولات البحث عن الحقيقة، تلك التي تختبئ في الظلام بين دهاليز الوعي والغريزة.
وفي دراسة علمية مثيرة، تناول الدكتور جيمس فالون، المتخصص في علوم الأعصاب، تحليل دماغ أحد السفاحين، ليكشف أن أدمغة المجرمين العنيفين تختلف عن غيرهم من البشر، مما فتح بابًا جديدًا للسؤال: هل يولد الإنسان شريرًا، أم أن الظروف والتجارب تصنع منه ذلك؟
النتيجة، كما توضح الدراسة، أن النمط الإنساني ليس قاعدة مطلقة، وأن الإنسان كيان معقد يجمع بين ميكانيكا النفس وصراع العزلة والازدحام، بين المثاليات والألم.
ومع ازدياد النواقص في حياة الإنسان، يتفاقم الشعور باليأس، ويزداد التوتر الاجتماعي، لتظهر اضطرابات نفسية وسلوكية خطيرة، من بينها الانتحار وجنون الارتياب، ما يستدعي قراءة جديدة للبعد النفسي في فهم السلوك الإنساني.
ومن هنا تبرز مجموعة من الاستفسارات المحورية التي تحتاج إلى إجابات علمية دقيقة:
ما تفسير الحركات اللاإرادية في الجسد؟ وهل هي استجابة لإشارات العقل أم العكس؟
ما دلالة زلات اللسان؟ ومن المسؤول عنها: العقل أم الجسد؟
ومتى يمكن أن يكون الكذب علاجًا نفسيًا فعّالًا؟
وهل يعد العلاج بالصعق الكهربائي وسيلة صحيحة في الطب النفسي؟
أسئلة تفتح الباب أمام علماء النفس والأعصاب للتأمل والبحث، في محاولة دائمة لفهم الإنسان… ذلك الكائن الذي لا يزال لغزًا حتى اليوم.