في مشهد إنساني لافت، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي صورة التقطها الصحفي الفلسطيني محمد ضاهر، أظهرت تجمع عدد من سكان قطاع غزة لمتابعة مباراة القمة بين الأهلي والزمالك. وبحسب ما نشر ضاهر عبر حسابه الشخصي على “فيس بوك”، فإن اهتمام الغزيين بالمباراة المصرية الشهيرة فاق في بعض الأوقات متابعتهم للأحداث السياسية الكبرى، حيث كتب قائلاً: “الناس بغزة مهتمة بلعبة الأهلي والزمالك أكثر من مؤتمر ترامب والنتن”. هذه المفارقة تعكس كيف يحاول السكان إيجاد مساحة من الترفيه وسط واقع الحرب والقصف المستمر، بحثًا عن متنفس يعيد لهم بعض الأمل واللحظات الإنسانية البسيطة.
وفي موازاة المشهد الشعبي، تصاعدت التحركات السياسية الدولية المرتبطة بالتصعيد في غزة. فقد أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن ثقته الكبيرة في إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام يضع حدًا للحرب الدائرة. جاء ذلك خلال لقائه في البيت الأبيض مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث صرح ترامب للصحفيين قائلاً: “أنا واثق جدًا”، قبل أن يكرر عبارته للتأكيد على قناعته بأن الخطة الأمريكية تحمل حلولًا عملية.
وأوضح ترامب أن الخطة، التي تتضمن 21 نقطة رئيسية، لاقت استجابة إيجابية ليس فقط من الجانب الإسرائيلي، بل أيضًا من عدد من القادة العرب، مشددًا على أن الإدارة الأمريكية ترى في هذه الاستجابات مؤشرًا على إمكانية إحراز تقدم ملموس. ورغم تحفظات بعض الأطراف الفلسطينية، أصر ترامب على أن الفرصة لا تزال قائمة لطي صفحة النزاع إذا توفرت الإرادة السياسية.
وفي تطور دبلوماسي مفاجئ، كشفت القناة 12 العبرية أن نتنياهو أجرى اتصالًا هاتفيًا مع رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني من داخل البيت الأبيض، قدم خلاله اعتذارًا رسميًا عن الغارة الإسرائيلية التي استهدفت الدوحة مؤخرًا وأسفرت عن مقتل حارس أمن قطري. وأوضحت القناة أن الاتصال جرى بحضور الرئيس الأمريكي ترامب، في خطوة وصفت بأنها محاولة لإعادة قطر إلى جهود الوساطة بعد أن علّقت مشاركتها على خلفية الحادث.
ويُنظر إلى هذا الاعتذار على أنه خطوة غير مسبوقة من جانب الحكومة الإسرائيلية، إذ اعتادت تل أبيب في السابق تبرير هجماتها العسكرية بدوافع أمنية دون تقديم اعتذارات رسمية. لكن هذه المرة، يبدو أن الضغوط الأمريكية دفعت نتنياهو إلى محاولة احتواء الأزمة مع قطر لما لها من دور محوري في التوسط بين الأطراف المتحاربة.
وبالتوازي، تتحدث وسائل الإعلام العبرية عن ضغوط أمريكية متزايدة على كل من نتنياهو وحركة حماس من أجل قبول الخطة الأمريكية. ونقلت عن مسؤول ضمن وفد نتنياهو قوله إن الحكومة الإسرائيلية لا تعتزم الانتظار طويلًا للحصول على رد من حماس، مضيفًا: “نريد أن نحصل على رد مبدئي من حماس في اليوم نفسه، إذا تم التوصل إلى اتفاق”.
أما في واشنطن، فقد أكد مستشارو ترامب أن قبول نتنياهو بالخطة الأمريكية شرط أساسي لوقف القتال. وحذّروا من أن رفضه للخطة سيُحمّله المسؤولية المباشرة عن استمرار الحرب، بما في ذلك تمكين حماس من مواصلة نشاطها المسلح، فضلًا عن تفاقم الكارثة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون في القطاع.
ويرى مراقبون أن الموقف الأمريكي يعكس رغبة إدارة ترامب في تحقيق إنجاز دبلوماسي سريع قبل أن تتسع رقعة الحرب بشكل أكبر. لكن في المقابل، يشير آخرون إلى أن العقبات أمام الاتفاق لا تزال كبيرة، خصوصًا في ظل غياب الثقة بين الأطراف، واستمرار العمليات العسكرية التي تزيد من تعقيد أي مسار تفاوضي.
وبينما يستمر الحراك السياسي والدبلوماسي، يظل المشهد الإنساني في غزة حاضرًا بقوة، حيث يبحث السكان عن لحظات من الأمل وسط الدمار، كما ظهر في صورة تجمعهم لمتابعة قمة الأهلي والزمالك. هذه الصورة قد تختصر جانبًا من معاناة الغزيين الذين يحاولون التمسك بالحياة الطبيعية رغم كل الظروف القاسية التي تحيط بهم.