بقلم الإعلامية:منار أيمن سليم
في عالم تتعدد فيه التحديات التعليمية، وتزداد فيه الحاجة إلى معلمين يمتلكون روحًا مختلفة، يطل علينا نموذج لافت يجمع بين التميز العلمي والبُعد الإنساني، هو الأستاذ عمر سليمان، الذي أصبح أحد أبرز معلمي الكيمياء للمرحلة الثانوية العامة.
المدهش في شخصيته أنه لا ينظر إلى التدريس كمجرد وظيفة يومية، بل كرسالة تستحق أن تُعاش بكل تفاصيلها. منذ تخرجه، وضع هدفًا لنفسه: أن يجعل الكيمياء مادة مفهومة ومحبوبة، وأن يغيّر الصورة النمطية التي ارتبطت بها طويلًا باعتبارها من أصعب المواد الدراسية. وبالفعل، بدأ رحلته في المدارس الثانوية وهو يحمل هذا الحلم، ليصنع لنفسه بصمة خاصة لا تُشبه أحدًا.
يؤمن الأستاذ عمر سليمان أن المعلم الناجح لا يُقاس فقط بما يشرحه من معلومات، بل بمدى تأثيره في شخصية طلابه. لذلك، فهو يدمج بين العلم والحياة، ويستخدم مواقف واقعية وأمثلة حياتية لتبسيط المفاهيم. فعندما يشرح تركيب المواد، يربطها بما يأكله الطالب أو بما يستخدمه في بيته، وحين يتحدث عن التفاعلات الكيميائية، يستحضر تجارب يومية من الطبيعة والبيئة المحيطة. بهذا الأسلوب، يشعر الطالب أن ما يتعلمه ليس بعيدًا عن حياته، بل يفسر ما يراه ويعيشه.
ومن السمات التي تجعله مختلفًا حرصه على أن تكون الحصة مساحة للحوار لا للتلقين. يسأل الطلاب، يستمع لإجاباتهم، يفتح أمامهم المجال ليجتهدوا في التفكير، ويعامل كل إجابة—even لو كانت خاطئة—كخطوة على طريق التعلم. هذه الروح تجعل طلابه يشاركون بحماس، ويشعرون بالثقة في أنفسهم، وهو ما ينعكس على تحصيلهم العلمي.
إلى جانب ذلك، يُولي اهتمامًا خاصًا باستخدام التكنولوجيا. فهو يدرك أن الجيل الحالي نشأ في عصر الشاشات، لذلك يستغل هذا الجانب في التعليم. يُحضر مقاطع فيديو توضيحية، ويعرض صورًا ورسومات ثلاثية الأبعاد للتفاعلات، بل ويستخدم منصات التواصل لمتابعة طلابه بعد انتهاء اليوم الدراسي، فيرسل لهم ملاحظات سريعة أو تدريبات إضافية. بهذه الطريقة، تتحول الكيمياء من كتاب جامد إلى مادة حية تتجدد باستمرار.
لكن ربما الجانب الأهم في مسيرته هو علاقته بالطلاب من الناحية الإنسانية. فهو يضع نفسه في مكانهم، ويتذكر دائمًا أنه كان طالبًا يواجه نفس الضغوط. لذلك، لا يكتفي بدور المعلم، بل يتحول أحيانًا إلى مرشد نفسي وداعم معنوي. يشجع طلابه على الصبر والمثابرة، ويذكرهم بأن النجاح لا يقاس بالدرجات فقط، بل بالقدرة على مواجهة التحديات.
الكثير من أولياء الأمور يشيدون بدوره الفاعل، ويؤكدون أن أبناءهم وجدوا فيه قدوة حقيقية، وأن علاقتهم بالكيمياء تغيرت بفضله. بعض الطلاب الذين كانوا يكرهون المادة أصبحوا من عشاقها، بل واتجهوا للتفوق فيها، والفضل في ذلك يعود لأسلوبه المبسط وحرصه على المتابعة الدقيقة لكل طالب.
لا يتوقف عند حدود الفصل أو المنهج، بل يسعى إلى ما هو أبعد. يشارك في أنشطة علمية، ويخطط لتأسيس محتوى رقمي يتيح للطلاب في مختلف المحافظات الاستفادة من خبرته. وهو يؤكد دائمًا أن حلمه الأكبر هو أن يرى جيلاً من الشباب المصري ينظر إلى العلوم ليس كمادة للحفظ، بل كباب لفهم العالم وصناعة المستقبل.
إن قصة عمر سليمان تؤكد أن الكفاءة الحقيقية لا تحتاج إلى ضجيج، بل تُثبت نفسها بالأثر. هو معلم مصري يضيف لمهنة التعليم قيمة جديدة، ويبرهن أن التدريس، حين يُؤدى بروح صادقة وإخلاص، يمكن أن يحوّل مسار طلاب بأكمله. وبين جدران الفصول في الإسكندرية، يواصل عمر رحلته، مؤمنًا أن كل طالب يفهم درسًا اليوم، هو مشروع نجاح في الغد.


بقلم الإعلامية:منار أيمن سليم








