“إيمان عماد عبدالعاطي” رحلة ملهمة في عالم التربية والصحة النفسية، إستطاعت أن تجمع بين الخبرة الأكاديمية والرؤية الإنسانية.
في عالمٍ تتزايد فيه التحديات التربوية والنفسية، تبرز شخصيات استثنائية تسعى لإحداث تغيير حقيقي في المجتمع، وإيمان عماد عبدالعاطي واحدة من هؤلاء الرواد. بخبرة تمتد لأكثر من عشرين عامًا في مجال التعليم والإدارة الأكاديمية، نجحت إيمان في وضع بصمتها الخاصة في تطوير بيئات تعليمية أكثر وعيًا واحتواءً للأطفال.
من تدريس اللغة الإنجليزية إلى القيادة الأكاديمية، قطعت مسيرة مهنية حافلة بالمثابرة والتطوير المستمر، حتى أصبحت اليوم مديرة مرحلة رياض الأطفال بمدارس حورس للغات، حيث تكرّس جهودها لخلق بيئة تعليمية تدعم التطور الاجتماعي والنفسي للأطفال.
بدأت رحلتها المهنية كمعلمة للغة الإنجليزية، إلا أن طموحها دفعها لاستكشاف أبعاد أعمق في المجال التربوي، مما قادها إلى تولي مناصب إدارية متعددة.
خلال مسيرتها، أدركت أن التعليم ليس مجرد نقل للمعرفة، بل هو عملية شاملة تتطلب توازنًا دقيقًا بين الجانب الأكاديمي والصحة النفسية للأطفال. هذا الإدراك دفعها إلى التخصص في مجالات الصحة النفسية، حيث حصلت على الماجستير المهني في الصحة النفسية، إلى جانب حصولها على العديد من الدبلومات والشهادات الدولية في القيادة التربوية والإدارة الأكاديمية.
إيمان لا ترى أن دورها يقتصر على الإدارة الأكاديمية فحسب، بل تعتبره مسؤولية أكبر تتطلب تطوير الذات والاطلاع المستمر على أحدث الأبحاث والأساليب التربوية. هذا الشغف بالبحث قادها إلى تقديم دراستها في الماجستير حول “أثر معلمات رياض الأطفال في تقويم السلوك الخاطئ للأطفال بالمحاورة لبناء طفل متزن نفسيًا”، وهي دراسة تسلط الضوء على دور المعلم في بناء شخصية الطفل منذ سنواته الأولى.
إلى جانب عملها الإداري والتعليمي، تحمل رسالة توعوية تهدف إلى تمكين الأفراد بالمعرفة وتعزيز الوعي الذاتي، خاصة للأطفال والفتيات والسيدات. إدراكًا منها لأهمية بناء الأجيال القادمة على أسس نفسية وتربوية سليمة، أطلقت العديد من المبادرات والمنصات الإلكترونية التي تقدم محتوى تربويًا ونفسيًا ثريًا، من أبرزها:
“أصغر إصدار”: منصة رقمية تستهدف الأسر المصرية، تقدم محتوى مبسطًا لكنه غني بالمعلومات التربوية، بهدف مساعدة الأهل في تنشئة أطفال يتمتعون بالثقة بالنفس، والقدرة على مواجهة التحديات، ليصبحوا مواطنين مسؤولين في المستقبل.
“لفتة أنثوية”: مساحة تفاعلية مخصصة للفتيات والسيدات، تهدف إلى إلهامهن لاكتشاف ذواتهن الحقيقية، وتعزيز ثقتهن بأنفسهن، والتمسك بجذورهن الثقافية والاجتماعية، مما يساهم في بناء مجتمع أكثر وعيًا وتوازنًا.
تؤمن بأن النهوض بالمجتمع يبدأ من تمكين الأفراد بالمعرفة والوعي، ولذلك تكرّس جهودها لتوعية المرأة بدورها المحوري في بناء الأجيال، وتنبيه الأهل إلى أهمية دورهم في غرس المبادئ الإنسانية في نفوس أبنائهم. من خلال جلساتها التدريبية وورش العمل، تساعد الأهل على تطوير مهاراتهم التربوية، وإكسابهم أدوات فعالة للتعامل مع أطفالهم بطرق تحقق التوازن النفسي والتربوي للأسرة بأكملها.
لا تكتفي إيمان بتقديم النظريات، بل تسعى إلى ترجمة هذه المعرفة إلى ممارسات فعلية تساعد الأسر على مواجهة التحديات اليومية في تربية الأطفال. تتناول في محاضراتها موضوعات مهمة مثل كيفية التعامل مع نوبات الغضب لدى الأطفال، وتعزيز الذكاء العاطفي لديهم، وأهمية الحوار في تصحيح السلوكيات الخاطئة.
ما يميزها ليس فقط خبرتها الواسعة، بل رؤيتها العميقة التي تسعى من خلالها إلى تحقيق تغيير ملموس في المجتمع. فهي لا تنظر إلى التربية على أنها مجرد عملية تعليمية، بل تراها منظومة متكاملة تتطلب إدراكًا نفسيًا واجتماعيًا عميقًا. من هنا، تواصل سعيها لتطوير المناهج التربوية، وإدخال مفاهيم الصحة النفسية كجزء أساسي في العملية التعليمية، لضمان إعداد جيل أكثر توازنًا واستقرارًا نفسيًا.
كما تؤمن بأن كل طفل لديه إمكانيات فريدة، وكل معلم قادر على أن يكون صانع تغيير إذا امتلك الأدوات الصحيحة. ومن هذا المنطلق، تسعى إلى تمكين المعلمين والأهالي من استخدام أساليب تربوية أكثر تأثيرًا، مما يساهم في بناء بيئة صحية تساعد الأطفال على النمو بوعي وثقة.
في ظل التحديات التي يواجهها المجتمع في مجال التربية والصحة النفسية، تظهر نماذج قيادية قادرة على إحداث فرق حقيقي، وإيمان عماد عبدالعاطي واحدة من هذه النماذج المشرقة. من خلال رحلتها الممتدة في التعليم، واهتمامها العميق بالصحة النفسية، ومبادراتها المجتمعية، استطاعت أن تجمع بين الخبرة الأكاديمية والرؤية الإنسانية، مما جعلها مصدر إلهام للكثيرين.
إن جهودها لا تقتصر على قاعات الدراسة أو المكاتب الإدارية، بل تمتد إلى كل منزل وكل أسرة تبحث عن طرق أفضل لتربية أبنائها. فبالنسبة لإيمان، التعليم ليس مجرد وظيفة، بل رسالة سامية تستحق أن تُحمل بكل فخر وإخلاص، من أجل بناء مجتمع أكثر وعيًا، وأجيال قادرة على تحقيق مستقبل أفضل.